
بقلم: نورهان التمادي
في عالم يشهد تغيّرات متسارعة وتحوّلات شاملة في شتى الميادين، تبرز التنمية البشرية كأداة فعّالة وأساسية في بناء الإنسان القادر على التكيّف، والمنتج، والمُسهم بفاعلية في مجتمعه. لم تعد التنمية البشرية رفاهية فكرية أو محض شعارات تحفيزية، بل أصبحت علمًا يرتكز على أسس نفسية وسلوكية ومعرفية تهدف إلى استثمار القدرات البشرية بأعلى درجات الكفاءة.
الإنسان أولًا
إن جوهر التنمية البشرية يتمثل في تمكين الإنسان من فهم ذاته، وتطوير مهاراته، وتحقيق توازنه النفسي والاجتماعي. وقد كرّم الله سبحانه وتعالى الإنسان تكريمًا خاصًا، فقال في كتابه العزيز:
“ولقد كرمنا بني آدم” (الإسراء: 70)،
كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“إن الله كتب الإحسان على كل شيء…” (رواه مسلم)،
والتنمية في جوهرها صورة من صور الإحسان إلى النفس، ومفتاح لصناعة التميز.
من الخطاب إلى التطبيق
رغم الانتشار الكبير لمصطلحات التنمية الذاتية، يبقى التحدي الحقيقي في التطبيق العملي. فالمعارف وحدها لا تصنع فارقًا ما لم تتحول إلى سلوك يومي.
وقد جاء في القرآن الكريم:
“وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون” (التوبة: 105)،
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:
“المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خير…” (رواه مسلم)،
وهو توجيه نبوي نحو قوة الإرادة والسعي الفعّال.
ليست رفاهية… بل ضرورة
في العصر الرقمي والمنافسة العالمية، لم يعد تطوير الذات خيارًا بل ضرورة حتمية. فالأمم التي استثمرت في الإنسان حصدت تقدّماً وازدهارًا.
وقد قال تعالى:
“إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم” (الرعد: 11)،
في إشارة واضحة إلى أن الإصلاح يبدأ من الداخل، من النفس.
ويعزّز ذلك قول الرسول الكريم:
“احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز…” (رواه مسلم).
خاتمة:
إن التنمية البشرية ليست برنامجًا وقتيًا، بل أسلوب حياة يستند إلى وعي مستمر، ومراجعة دائمة للذات، وسعي لا يتوقف نحو الأفضل. وكما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
“حاسِبوا أنفسكم قبل أن تُحاسَبوا، وزِنوا أعمالكم قبل أن تُوزَن عليكم.”
دمتم في أمان الله .