غير مصنف

عبقرية الجنون والمعيار أغواء لأغراء واهن زائف

بقلم : محمد جابر

تقف العبقرية وجها لوجه مع الجنون بين منطقة رمادية أو لعلها سواء قاتمه في عيون البعض تخوم العبقرية والجنون فبينهما خيط دقيق يكاد ينقطع ويفصل بين الإبداع الملهم والانفلات العقلي إننا أمام مشهد يفيض بالتناقضات حيث تتحول الرؤى الحرة إلى اتهامات باللاعقل وتنقلب الموهبة الخارجة عن النسق إلى أضطراب نفسي في قواميس من لا يطيقون الاختلاف

يظل عنان الفكر متهما بوصمة الانحراف عن المعتاد فيعد دربا من دروب الهوس الإبداعي بينما هي في حقيقتها تجليات لحرية التعبير وامتدادات لعنان الفكر المتجاوز للنمطية البغيضه

تعتبر العبقرية انحراف عقلي للوعي وأعلى درجات الوعي هي من تكشف العبقرية فتلك المحدودية التي قيدت عنان الفكر وضآلة أدواتها أدت إلي انحرافات في الرؤي وصمت علي انها أضطرابات مفرداتها الذهان والفصام لتصنيف كل رؤية تخالف المألوف وهنا تشكل المعاناه النفسيه جزءا من النبوغ الفكري في المقابل يرفض المجتمع تقبل الأختلاف وعليه تميل العقول نحو العزله والجنون

لا يمكن اختزال الإبداع في تشخيصات مرضية فهذا يعد شكلا من أشكال العنف الرمزي ومصادرة ناعمة للرأي الحر

ولهذا أرتبط مفهوم الجنون بالشخصيات المفكرة والمتجاوزة للأطر التقليدية وجد هؤلاء أنفسهم في دائرة الإتهام لا لخلل نفسي فيهم بل لفرط وعيهم لقد أصبح الجنون المجازي مرآة للمجتمعات التي تهاب الوعي المختلف وتخشاه حين يتجلى عن ما ألفته عقولهم أو بالأعم حين يدركون أنهم خارج إطار السيطرة علي عقل يعيد الترتيب بمعزل عن منطق المعتاد وعقل قابع
متأهب وبين هذا وتلك سلوكا غير مألوف فهو في الوقت ذاته عبور تجاوز الواقع النمطي وصنع واقع بديل أكثر رحابة

إننا بحاجة إلى إعادة تأطير العلاقة بين العقل وحرية الرؤية بين التفسير العلمي للظواهر وبين حق الإنسان في أن يفكر أن يبدع خارج القطيع المفهومي ولعل أخطر ما يمكن أن تواجهه المجتمعات الحديثة
هو المأسسة النفسية للاختلاف حين يصبح التعبير الحر مشروعا تحت المراقبة ويختزل التنوع في معايير الأهواء ويصبح المعيار أغواء لأغراء واهن زائف .

ستظل العبقرية بكل ما فيها من تجاوزات وأرتباك جزءا أصيلا من ثراء الوعي الإنساني وأثراء لا ينبغي أن يخنق تحت وطأة نظرة لا ترقي أن تتقلد معايير تقييم أدواتها غير معلنه تخضع لأطماع داخل النفس غير ذات الصله حيث تكشف مدي الفراغ الذهني لدي من وصمهم بها

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى