
بقلم: نورهان التمادي.
في زمن تزايدت فيه مظاهر الانحراف السلوكي والانحطاط الأخلاقي، تطفو على السطح جريمة تُعد من أبشع ما يمكن أن يُرتكب بحق الطفولة والبراءة، وهي ما يعرف بالبيدوفيليا، أي اشتهاء الأطفال جنسيًا. هذه الظاهرة لا تمثل فقط اعتداءً نفسيًا وجسديًا على الضحايا الصغار، بل تمثل كذلك خروجًا صريحًا عن الفطرة الإنسانية، ومخالفة جذرية لتعاليم الإسلام التي جاءت لحماية النفس والعِرض والكرامة.
الإسلام وكرامة الإنسان
كرم الله الإنسان على سائر المخلوقات، فقال تعالى:
“وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ” [الإسراء: 70].
وهذه الكرامة تشمل حق الطفل في الأمان والرعاية والنشأة السليمة، دون أن يُستغل أو يُهان أو يُستخدم لإشباع رغبات منحرفة.
حرمة الاعتداء على الأطفال في الشريعة الإسلامية
لم يغفل الإسلام عن حماية الفئات الأضعف في المجتمع، وعلى رأسهم الأطفال. فقد روى أبو داود في سننه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
“ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويعرف شرف كبيرنا”.
فكيف بمن لا يرحم الطفل، بل يعتدي عليه ويشوه براءته؟ البيدوفيليا ليست فقط فعلًا شاذًا، بل هي جريمة أخلاقية وإنسانية يعاقب عليها الشرع والقانون.
تحريم الزنا والاعتداء الجنسي
قال الله تعالى:
“وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَىٰ ۖ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا” [الإسراء: 32].
فإذا كان الزنا محرمًا بين البالغين، فكيف باعتداء على قُصّر لا يملكون القدرة على الفهم أو الموافقة؟ إن في ذلك إثمًا مضاعفًا، لأنه يجمع بين الفاحشة والعدوان على غير البالغ.
مسؤولية المجتمع
البيدوفيليا ليست انحرافًا شخصيًا فقط، بل مؤشر خطر على صحة المجتمع وأمن أفراده. ويجب ألا يكون الصمت هو الرد على مثل هذه الانحرافات. قال النبي صلى الله عليه وسلم:
“من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان” [رواه مسلم].
خاتمة
ختامًا، لا بد من التعامل مع هذه الظاهرة بكل حزم، قانونيًا ودينيًا ومجتمعيًا. فحماية الأطفال واجب شرعي، ومسؤولية جماعية. وإن صيانة الفطرة وحراسة الأخلاق من مثل هذه الانحرافات تمثل صمام الأمان لبقاء المجتمعات على الطريق المستقيم.
دمتم في أمان الله.