غير مصنف

مفهوم الرحمة في الإسلامبقلم: نورهان التمادي

مفهوم الرحمة في الإسلام
بقلم: نورهان التمادي

مقدمة:

الرحمة هي أحد المبادئ الأساسية التي يقوم عليها الإسلام، وهي صفة من صفات الله عز وجل التي تظهر في تعاملاته مع خلقه، حيث تُعد الرحمة من أسمى القيم التي يدعونا الدين الإسلامي للتحلي بها. وقد وردت الرحمة في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة كمفهوم أساسي يرشد المسلمين إلى ضرورة أن يكونوا رحماء مع أنفسهم ومع الآخرين، بما يعزز من التعاون والتعايش السلمي بين أفراد المجتمع. في هذا المقال، سنتناول مفهوم الرحمة في الإسلام مع الاستدلال من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.

الرحمة في القرآن الكريم:

في القرآن الكريم، نجد أن الرحمة هي صفة بارزة لله عز وجل. فقد وردت في العديد من الآيات لتؤكد على أن الله هو الرحمن الرحيم، وتبرز عنايته بالإنسان ورحمته به. يقول الله تعالى في كتابه الكريم:
“وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ” (الأعراف: 156). هذه الآية توضح سعة رحمة الله التي تشمل كل شيء، سواء كان من خلقه أو من رحمته في الأمور الدنيوية والأخروية.

كما نرى أن القرآن الكريم يشجع على الرحمة بين الناس، ويحث المسلمين على أن يكونوا رحماء مع بعضهم البعض. يقول الله تعالى في سورة الفتح:
“فَإِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ” (الفتح: 2)، وهذا يشير إلى أن الرحمة ليست فقط صفة إلهية، بل يجب أن يتحلى بها المؤمنون في تعاملاتهم مع الآخرين، ويستشعرون بها في حياتهم اليومية.

الرحمة في السنة النبوية الشريفة:

في السنة النبوية، نجد العديد من الأحاديث التي تبرز قيمة الرحمة وتحث المسلمين على الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك. فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
“اللهم ارحمنا، فإنك بنا راحم، ولا تعذبنا، فإنك علينا قادر، واهدنا إلى خير مما يرضيك.” (رواه مسلم). وفي هذا الحديث، نجد أن الرسول صلى الله عليه وسلم يطلب الرحمة من الله لأمته، ما يبرز مكانة الرحمة في الإسلام ويشجع على الدعاء بها في جميع الأوقات.

كما ورد في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم:
“من لا يُؤثِر الناس، لا يُؤثَر عليه” (رواه مسلم)، وهنا نجد دعوة واضحة من النبي صلى الله عليه وسلم للمسلمين لأن يكونوا رحماء مع الآخرين، لأن ذلك يعكس أثر الرحمة على المجتمع ويحقق السلام الاجتماعي.

ومن أروع الأمثلة على رحمة النبي صلى الله عليه وسلم كان تعامله مع الأعداء، فقد ثبت في السيرة النبوية أن النبي صلى الله عليه وسلم عفا عن من أساء إليه من قومه، بل وأظهر لهم معاني الرحمة حتى في أوقات الحرب، كما في معركة أحد عندما عفى عن أسير من أسراه مع عدم وجود مبرر مباشر لذلك، إنما كان تطبيقًا لرحمة الإسلام.

الرحمة في التعامل مع الآخرين :

الرحمة في الإسلام لا تقتصر على الأفراد بل تشمل جميع المخلوقات. فقد جاء في الحديث الشريف:
“من لا يُرحم لا يُرحم” (رواه البخاري). وبذلك نجد أن الرحمة في الإسلام هي أساس من أسس التعاملات البشرية التي تحقق التآلف والوحدة. كما حث النبي صلى الله عليه وسلم على رحمة الضعفاء، مثل الأيتام والنساء والعمال، وأكد على أن هذه الرحمة هي التي تجلب رضا الله سبحانه وتعالى.

آثار الرحمة في المجتمع:

إذا تم تطبيق مفهوم الرحمة في المجتمع، فإنها ستؤدي إلى تماسكه واستقراره، وتحقيق العدالة والتعاون بين الأفراد. الرحمة تمنع الغلظة والقسوة، وتشجع على التعاون والمساعدة، وهي عامل مهم في تحقيق السلام الداخلي في نفوس الناس. الرحمة تساهم في نشر المحبة بين أفراد المجتمع وتقلل من النزاعات وتزيد من مشاعر الأخوة والمساواة.

الختامة:

في الختام، نرى أن الرحمة ليست مجرد صفة تربوية أو أخلاقية، بل هي ركيزة أساسية في الدين الإسلامي. فالله سبحانه وتعالى وصف نفسه بالرحمن الرحيم، وأمر عباده بأن يتبعوا هذه الصفة في تعاملاتهم مع الآخرين. ومن خلال القرآن الكريم والسنة النبوية، نجد أن الرحمة تعني الكثير من الأشياء: الحلم، العفو، التسامح، والرفق. إن الإسلام يوجه المسلم ليكون رحيمًا بكل من حوله، ويعتبر الرحمة وسيلة للوصول إلى رضا الله عز وجل.

يتبع…
دمتم في أمان الله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى