
كتبت/ شروق علاء محمد.
يبدو أن العالم اليوم يقف على حافة هاوية جديدة، حيث تتفاقم التوترات بين القوى العظمى، وتتصاعد الأزمات التي تهدد الاستقرار الدولي. فبين اشتعال الصراع في أوكرانيا، واحتدام المواجهة التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وانهيار البيئة تحت وطأة النفايات البشرية، أصبح المستقبل أكثر غموضًا من أي وقت مضى.
أوكرانيا في قلب العاصفة
لم يكن الاجتماع بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي سوى صاعق جديد في الأزمة الدولية. فبعد ساعات من التوتر في البيت الأبيض، خرج زيلينسكي إلى العالم محاطًا بدعم غير مسبوق من القادة الأوروبيين، في وقت تتضاءل فيه المساعدات العسكرية الأمريكية لبلاده. التصريحات الأخيرة لترامب عن رغبته في التفاوض مع روسيا على السلام، بدلاً من تقديم دعم غير مشروط لكييف، أشعلت موجة من الغضب في العواصم الغربية.
وفي موسكو، بدا الرئيس فلاديمير بوتين أكثر ارتياحًا من أي وقت مضى. فقد أصبحت استراتيجيته في تحدي النفوذ الأمريكي تؤتي ثمارها، مع تراجع الدور الأمريكي في أوروبا وتباطؤ عمليات إمداد الأسلحة لأوكرانيا. وبينما تدور رحى الحرب على الأرض، تدور معركة أخرى في كواليس السياسة الدولية، حيث يحاول كل طرف فرض رؤيته على مستقبل النظام العالمي.
حافة الحرب التجارية.. أم العسكرية؟
على الجانب الآخر من العالم، يشتد التصعيد بين الولايات المتحدة والصين، لكن هذه المرة عبر جبهة الاقتصاد. فقد فرضت واشنطن تعريفات جمركية قاسية، وصلت إلى 25% على الواردات من المكسيك وكندا، ورفعتها على البضائع الصينية من 10% إلى 20%. لم تتأخر بكين في الرد، فأصدرت تحذيرًا شديد اللهجة بأنها “مستعدة لأي نوع من الحروب”.
لكن الأمور لم تتوقف عند الاقتصاد، فقد أعلن وزير الدفاع الأمريكي أن بلاده “مستعدة للحرب مع الصين إن لزم الأمر”، مما يفتح الباب أمام احتمالات أكثر قتامة. المراقبون يتحدثون عن سيناريوهات خطيرة، حيث قد تتحول المعركة الاقتصادية إلى مواجهة عسكرية، خاصة مع تصاعد التحركات البحرية في المحيط الهادئ.
عالم يغرق في القمامة
في خضم هذه الصراعات السياسية، يواجه كوكب الأرض كارثة بيئية متزايدة. فوفقًا لتقارير دولية حديثة، يستهلك البشر كميات هائلة من السلع أسبوعيًا، لكن معظمها ينتهي في مكبات النفايات خلال أشهر. البلاستيك، العدو الأكبر للبيئة، يملأ المحيطات، ويهدد الحياة البحرية بمعدلات غير مسبوقة.
الخبراء يحذرون: إذا استمرت الأمور على هذا النحو، فإن العالم لن يواجه فقط كوارث من صنع البشر في السياسة والحروب، بل أيضًا كارثة بيئية قد تجعل الحياة على الأرض أكثر صعوبة مما نتصور.
رحيل أسطورة الشطرنج
في ظل هذه الفوضى العالمية، ودّع العالم اليوم أسطورة الشطرنج الروسي بوريس سباسكي، الذي توفي في موسكو عن عمر ناهز 88 عامًا. كان سباسكي رمزًا عالميًا للعقل والذكاء، واشتهر بمواجهته التاريخية مع بوبي فيشر في “مباراة القرن” عام 1972. ومع رحيله، يفقد عالم الشطرنج أحد أبرز رموزه، في وقت يبدو فيه أن العالم أصبح ساحة شطرنج سياسية كبرى، حيث يحاول الجميع تجنب السقوط في فخ “كش ملك”.
إلى أين نحن ذاهبون؟
في هذا المشهد المضطرب، لا تزال الأسئلة أكبر من الإجابات. هل ستتجه أوكرانيا نحو سلام مفروض أم حرب طويلة؟ هل سينتقل الصراع الأمريكي-الصيني من الاقتصاد إلى الميدان العسكري؟ وهل يمكن للبشرية أن توقف زحف القمامة قبل أن تغرق في مخلفاتها؟
العالم ينتظر، والمستقبل يكتب فصوله الجديدة كل يوم، ولكن بأي ثمن؟