مقالات

أضرار الفن الهابط على القيم والأخلاق في المجتمع

بقلم- هيثم زكريا الاصيل

في عصر تتسارع فيه وسائل الإعلام وتتوسع منصات التواصل الاجتماعي، يجد المجتمع نفسه أمام طوفان من المحتويات الفنية المتنوعة. ومع هذا التنوع، برز نوع من الفن يُعرف بالفن الهابط، والذي بات يشكل ظاهرة ملحوظة في المشهد الثقافي والإعلامي. يثير الفن الهابط جدلاً واسعاً حول تأثيراته السلبية على القيم والأخلاق في المجتمع، وهو ما يستحق النظر العميق والتحليل الدقيق.
الفن الهابط هو ذلك النوع من الفن الذي يفتقر إلى المعايير الفنية الرفيعة والقيم الجمالية العميقة. يتميز هذا الفن بالتكرار والسطحية والاعتماد على الإثارة الرخيصة لجذب الانتباه. وغالباً ما يكون محتواه محملاً بالرسائل السلبية والمشاهد المخلة، مما ينعكس بشكل مباشر على ذوق الجمهور وثقافته.
يؤثر الفن الهابط بشكل كبير على القيم الأخلاقية في المجتمع. فهو يروج للسطحية والاستهتار بالقيم الإنسانية الأساسية مثل الاحترام، والتسامح، والصدق. تتجلى هذه التأثيرات في ترويج السلوكيات السلبية مثل العنف، والتحرش، وتعاطي المخدرات، مما يؤثر على سلوك الأفراد ويدفعهم لتقليد ما يشاهدونه دون وعي بخطورة هذه الأفعال.
يُعد الشباب والنشء الفئة الأكثر تأثراً بالفن الهابط، نظراً لقلة خبرتهم واندفاعهم نحو تقليد الشخصيات والمشاهد التي يرونها جذابة ومثيرة. يؤدي تعرض الشباب المستمر لهذه الأنواع من الفن إلى تشويه قيمهم الأخلاقية وتبنيهم لسلوكيات غير لائقة، مما يؤثر سلباً على مستقبلهم ومستقبل المجتمع ككل .
تلعب بعض وسائل الإعلام دوراً محورياً في ترويج الفن الهابط من خلال عرضها المتكرر لهذا النوع من المحتوى. تسعى بعض القنوات التلفزيونية والمواقع الإلكترونية إلى تحقيق الأرباح السريعة عبر جذب أكبر عدد ممكن من المشاهدين، متجاهلين دورهم التثقيفي والتربوي. هذا التوجه الربحي على حساب القيم والأخلاق يعزز انتشار الفن الهابط ويزيد من تأثيراته السلبية.
كيف يمكن التصدي لهذه الظاهرة؟
لمواجهة تأثيرات الفن الهابط على القيم والأخلاق في المجتمع، يجب أن تتكاتف الجهود بين الأفراد والمؤسسات. يمكن اتخاذ عدة خطوات فعالة، منها:

التوعية والتثقيف: نشر الوعي بين أفراد المجتمع حول مخاطر الفن الهابط وتأثيراته السلبية من خلال حملات إعلامية وتربوية.

تعزيز الفن الراقي: دعم وتشجيع الفنون الراقية التي تحمل رسائل إيجابية وتساهم في بناء قيم أخلاقية سليمة.

تشديد الرقابة: فرض رقابة صارمة على المحتويات الفنية المعروضة في وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، لضمان عدم انتشار الفن الهابط بشكل مفرط.

دور الأسرة والمدرسة: يجب أن تقوم الأسرة والمدرسة بدور فعال في توجيه الشباب والنشء نحو المحتويات الفنية الهادفة، وتوفير بيئة تعليمية تغرس فيهم القيم والأخلاق الحميدة.

فلذلك الفن الهابط ليس مجرد مشكلة فنية، بل هو تحدٍ ثقافي وأخلاقي يواجه المجتمع بكامله. يتطلب التصدي لهذه الظاهرة جهوداً مشتركة ومستدامة من جميع أطياف المجتمع، بهدف حماية القيم والأخلاق والنهوض بالذوق العام نحو مستويات أرقى وأرفع.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى